المرأة والفضاء

ربما سمع كثير منا بعطارد 7، حيث كانت أول دفعة رواد فضاء لوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا). وقد اختيرت وفق معايير صارمة جدا. حظي طاقم عطارد 7 بشهرة عالية وقبول مجتمعي لا مثيل له، مما منحه القدرة على كسب قلوب كثير من الناس حول العالم. في المقابل، قد يجهل كثير منا نظيره النسائي عطارد 13 الذي أسسه الطبيب راندولف لوفليس رئيس لجنة علوم الحياة في ناسا.

كان الطبيب راندولف المسؤول عن تطوير الاختبارات البدنية والذهنية لبرنامج عطارد 7، خلال عمله على تدريب الرجال السبعة، قرر أن يطبق هذه الاختبارات بالخفاء على 25 امرأة من نخبة الطيارين، اللاتي اختارهن بعناية ليدرس فرق الأداء بين الجنسين، حيث انتهت مرحلة الفرز النهائي باختيار أفضل 13 مرشحة. لسوء الحظ، انتهى البرنامج نهاية مأساوية على الرغم من الأداء الممتاز للمرشحات. استلزمت المراحل النهائية من اختباراته استخدام بعض المرافق العسكرية التي كانت تستخدم لتدريب رواد الفضاء الرجال، حيث يعزى ذلك لرفض السلطات السماح للطبيب راندولف باستخدام هذه المرافق لإجراء اختباراته الخاصة لأنهم لم تكن لديهم الرغبة في إرسال رائدات فضاء خلال تلك الفترة، وبذلك انتهى برنامج عطارد 13.

لكن ذلك لم يمنع النساء في مناطق أخرى من العالم من أن يتبعن شغفهن، ففي عام 1963 سافرت رائدة الفضاء الروسية فالنتينا تريشكوفا على متن مركبة فوستوك 6، جاعلة إياها أول امرأة تذهب للفضاء. رحلة فالنتينا فتحت الأبواب للنساء للمشاركة في برامج الفضاء ورحلاته، حيث أثبتت أن النساء عنصر فعال وقادر، ولسن عائقا كما نعتهن كثيرون في الماضي.

البعض قد ينظر لعام 2019 على أنه عام استثنائي للنساء في مجال الفضاء، حيث أجري فيه أول نشاط فضائي خارج المركبة بطاقم نسائي بالكامل. كما أنه كان العام الذي حققت فيه رائدة الفضاء الأمريكية كرستينا كوتش رقما قياسيا جديدا لأطول مدة قضتها رائدة فضاء في رحلة واحدة بعد قضائها 328 يوما متتاليا على متن محطة الفضاء الدولية. لكن ما قد يغيب عن ذهن البعض هو مضي 57 عاما على رحلة فالنتينا، فما سبب تأخير النساء في تحقيق هذه الإنجازات؟

بعد البحث والتقصي، تم إيجاد عديد من المبررات اللا منطقية، ولكن أكثرها سوءا كان التعذر بشح مؤهلات النساء في هذه المجالات، حيث يعزى ذلك لعدم وجود الرغبة والشغف للالتحاق بها. لذلك، تم تخصيص هذه السلسلة لاستيحاء الإلهام من نساء كان لهن أثر واضح في مجال الفضاء وعلومه، ومحاولة إنعاش مجدهن المحتضر.

ستنطلق هذه السلسلة بأخذ نظرة عن كثب على رحلة رائدة الفضاء الروسية فالنتينا تريشكوفا، متبوعة بقصص لأبرز النساء في هذا المجال، كأول امرأة أجرت نشاطا فضائيا خارج المركبة، وأول امرأة قادت مكوكا فضائيا أمريكيا، وغيرهن من عالمات ومهندسات ممن أسهمن في تأسيس وازدهار مجال الفضاء بطريقة أو بأخرى.