الموارد الفضائية والتعدين

التعدين الفضائي، هو عملية استغلال المواد الخام من الكويكبات وغيرها، واستخدامها في صناعة وقود المركبات الفضائية والصواريخ، أو نقل المعادن الثمينة إلى الأرض، ويعد الهدف الأساسي من تعدين الموارد الفضائية في الوقت الحالي الاستدامة الفضائية، وتعزيز قدرات الإنسان في الوصول إلى كواكب أبعد من القمر، ويدخل تعدين الموارد الفضائية ضمن خطة «القمر طريقنا للمريخ»، وما زالت المهام تحت هذا النطاق في مرحلة «صياغة فهم المهمة» (Mission Concept Formulation).

تخطط وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) للعودة للقمر من خلال برنامج أرتميس (Artemis) وإرسال أول امرأة إلى سطح القمر بحلول عام 2024، وإجراء عمليات استكشاف مستدامة بحلول نهاية العقد الحالي، كما سيتم تعدين موارد القمر واستخدامها كوقود ومواد تدخل في تصنيع المركبات الفضائية التي ستطلق للمريخ، وذلك بالتعاون مع الشركات الأمريكية ووكالات الفضاء الدولية.

يدير معهد ناسا للمفاهيم المتقدمة (NIAC) مشاريع الأفكار المتقدمة التي يمكن أن توجد اختراقات وإيجاد مفاهيم أفضل أو جديدة تماما في مجال الفضاء، مع إشراك المبتكرين ورجال الأعمال الأمريكيين.يسعى البرنامج للوصول لابتكارات من مصادر متنوعة وغير تقليدية في مجال مشاريع التعدين الفضائي. مؤخرا أطلقت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) عروضا غير مسبوقة تعرض بموجبها الدفع لشركات من أجل سحب عينات من الصخور على سطح القمر لجلبها إلى الأرض.

نورد فيما يلي أحد أهم المشاريع التي اختارتها «ناسا»، والتي يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على الصناعة واستكشاف الفضاء بطرق جديدة:

مهمة «أبيس» (Apis) تكنولوجيا التعدين البصري، «أبيس» مهمة غير مسبوقة مصممة لإحداث ثورة في استكشاف الإنسان للفضاء السحيق بهدف تمكين التصنيع الفضائي بشكل كبير، وتمكين الاستيطان البشري، كما تشكل شراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) للوصول إلى سلسلة من الاختراعات في مجال التصنيع الفضائي، ومن بينها طريقة التعدين البصري (Optical Mining) لحصاد موارد الكويكبات، من خلال تركيز أشعة الشمس وتسليطها على الكويكب ولتفتيته وجمع المواد.

تم تمويل عملية تحليل المهام والأعمال، من قبل معهد ناسا للمفاهيم المتقدمة (NIAC ) وشركة Emerging Space بهدف تمكين السياحة الفضائية بأسعار معقولة وتعزيز الصناعات الفضائية، حيث تتكون بنية المهمة من حزمة من المركبات الفضائية، وأكمل الفريق البحثي تصميم وتصنيع وتجميع اختبار التعيين البصري واختباره على مجموعة متنوعة من الصخور المقاومة للحرارة، ويهدف الفريق البحثي إلى إجراء تجارب في المدار الأرضي المنخفض، ورسم خرائط الاستكشاف للموارد الفضائية.

ومازال أمام الفريق البحثي: خريطة الطريق وتحليل المهمة، ونضج التكنولوجيا والعرض التجريبي، وتطوير نموذج طيران Mini Bee.

وهناك كثير من مجالات التعدين، منها: جلب المواد الخام من الكويكب إلى الأرض للاستخدام، ومعالجة المواد المستخرجة من الكويكب في الموقع الفضائي أيضا لنقل المواد المعالجة فقط إلى الأرض، وربما تنتج وقود الدفع لرحلة العودة إلى الأرض، إضافة إلى نقل الكويكب المراد تعدينه إلى مدار آمن حول القمر أو الأرض، أو إلى محطة الفضاء الدولية، مما يسمح باستخدام المواد الخام التي سيتم تعدينها وعدم هدرها، ومن ثم فإن عملية المعالجة في الموقع بغرض استخراج المواد والمعادن العالية القيمة من الفضاء ستخفض احتياجات الطاقة والوقود اللازم لنقل المواد، وإن كان يتعين أولا نقل مرافق التجهيز إلى موقع التعدين في الفضاء، وستبدو الحاجة خلال عملية التعدين في الموقع الفضائي إلى حفر الآبار، وحقن السوائل – الغازات الساخنة.

ولا شك أنه سينتج عن أعمال الحفر والتعدين في الكويكبات اضطرابات كبيرة، مثل تشكل سحب غبارية، بسبب ضعف حقول الجاذبية للكويكبات، ولذا فإن أعمال الحفر والتعدين قد تكون محصورة في بيئة مغلقة في بعض القباب أو حواجز فقاعية، كما يلاحظ أن عمليات التعدين الفضائي تتطلب معدات خاصة من أجل استخراج الخام ومعالجته، ويمكن نقل المواد الخام بسهولة بسبب عدم وجود الجاذبية، إضافة لإمكانية الالتحام مع كويكب صغير باستخدام عملية تشبه الحربة، حيث تخترق قذيفة لتكون بمثابة مرساة، ثم يتم استخدام كيبل للاقتراب إلى سطح الكويكب الصغير.

يرى بعض المتخصصين أن التعدين الفضائي عبر الكويكبات يمكن أن يحدث ثورة في مجال استكشاف الفضاء، كما يمكن استخدام وفرة السوائل العالية بالكويكبات لإنتاج الوقود عن طريق فصل عنصري المياه وهما الهيدروجين والأوكسيجين، وهذا من شأنه أن يجعل السفر إلى الفضاء خيارا أكثر جدوى من خلال خفض تكلفة الوقود، على الرغم من أن تكلفة الوقود تمثل عاملا ضئيلا نسبيا في التكلفة الإجمالية للبعثات الفضائية المأهولة في المدار الأرضي المنخفض.